من أنا

صورتي
البجلات-منيةالنصر, الدقهلية, Egypt
تربوي إدارة الزرقا التعليمة دمياط

الخميس، 2 يونيو 2011

المعلم الداعية

المعلم الداعية
سيظل المعلم هو صاحب الدور الحيوي والمحوري في تغيير الأوضاع وفي صناعة مستقبل أفضل لأي أمة؛ بفضل حسن صنيعه مع الأجيال، وستظل الآمال معقودة عليه في القيام بالنهضة الحقيقية لأجيالنا وأمتنا؛ فإن معيار تقدم أي أمة مرتبط بمنظومة القيم التي تتبناها الدولة مع أجيالها والتي يتبناها المعلمون الجادون الصادقون، وصدق الشاعر حيث يقول:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
لذلك فإن معظم الدول المحترمة والجادة تهتم أكثر ما تهتم بالمعلم، من حيث تحسين أوضاعه المعيشية والمادية والاهتمام بوضعه الأدبي والإعلامي حتى يكون قيمة عليا في مجتمعه؛ لأن التقدم الحقيقي مرهون بإيمانه وبحسن رسالته وأهميتها؛ لذلك يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
قم للمعلم وفِّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
فالدور خطير، والأمانة عظيمة، والآمال معقودة، والنتائج أكيدة.
أولاً: دور المعلم وسط زملائه:
لا شك أن المعلم يستطيع أن يقوم بدور فاعل ومؤثر بين زملائه المعلمين في المدرسة وخارجها؛ لجعل كل معلم يستشعر دوره الإصلاحي، ويقوم به عن حب وقناعة؛ ابتغاءً للأجر أولاً، ولإنقاذ حال أمتنا وأجيالنا ثانيًا.. فالأمل معقود عليك أيها المعلم في التغيير والإصلاح، فاستعن بالله على حسن الأداء ولا تعجز، والله معك، ولن يَتِرَك عملك، واستحضر النية دائمًا، فهي أساس النجاح، واجعلها خالصةً لوجه الله الكريم؛ فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى الخير دائمًا، والله معك.
1- حث الزملاء على حسن الاستعداد للعام الدراسي:
وهذا يتم قبل بداية العام؛ حيث تجلس مع زملائك وتتحاور معهم عن كيفية الاستعداد للعام الدراسي، وأهمية ذلك بأن يحدد كل معلم دوره في هذا العام ببساطة ووضوح، وماذا يريد وكيف يصل لذلك، مع أهمية حسن إعداد نفسه في مادته العلمية.
2- حث الزملاء على أن يكونوا أصحاب رسالة:
وذلك بتذكيرهم بأنهم أتباع محمد صلى الله عليه وسلم في الرسالة والمنهج، وأن المعلم هو الشخص الوحيد القادر على المشاركة بدور فاعل في حسن صناعة مستقبل أفضل لأمتنا بقدر ما يقوم بدوره وسط الأجيال، وأن الجميع يعظم دوره ويقدره، بل وينتظر منه حسن الصنيع، وعليه ألا يلتفت إلى ما يُثار في الإعلام أو المجتمع من تهميش دور المعلم أو تحقيره، فإنها عملية مقصودة لهزيمته نفسيًّا، لينسى مهمته ورسالته التي هي رسالة الأنبياء، فجميع الخلائق تشكر له دوره على ما يقوم به من نشر قيم الخير والفضيلة بين أجيال الأمة مع تذكيرهم بحديث الرسول الكريم الذي يكرم فيه كل معلم صاحب رسالة؛ حيث يقول فيه "إن الله وملائكته وأهل السماء وأهل الأرض حتى النملة في جحرها ليصلون على معلم الناس الخير".
3- القدوة العملية وسط الزملاء:
وهذا هو أساس النجاح، فلن يقتنع المعلمون بكلامك ونصحك ولا برسالتهم إلا حينما يرونك مثالاً طيبًا وقدوةً عمليةً صالحةً أمامهم، يحتذون بها ويسعدون بالاقتداء بها، وهذا هو بيت القصيد، واعلم أنك مرصود من الجميع في تصرفاتك وأفعالك وأقوالك، فاحرص أن تكون شمعةً مضيئةً دائمًا وسط زملائك، وسيظل الزملاء دائمًا أسرى ما يشاهدون فيك؟ يسمعون منك، وهكذا كان رسولنا ومعلمنا الأول محمد صلى الله عليه وسلم ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)﴾ (الأحزاب)، وكما يقولون دائمًا "فعل رجل واحد خير من قول ألف رجل".
4- التواصل الجيد مع الزملاء:
احرص على أن يكون لك تواصل جيد وفاعل مع زملائك في المدرسة، فلا تعادِ أحدًا، ولا تخاصم أحدًا، ولا تهجر أحدًا، ولا تحسد أحدًا، بل كن دائمًا وسط زملائك، واحرص على زيارتهم والسؤال عن أحوال بيوتهم وأولادهم، وشاركهم في مناسباتهم وأفراحهم، وساعدهم في حل مشكلاتهم إن وجدت، وكن دائمًا ودودًا معهم، وانصحهم برفق دون شماتة، وقدِّر وثمِّن كل معروف يفعلونه، واربط قلبك بقلوبهم دائمًا، ولا تنسَ أن تدعو الله لهم بظهر الغيب دائمًا، وتذكر بعض المعاني في التعامل معهم ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ (البقرة: من الآية 83)، ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ (البقرة: من الآية 237) "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرًا من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم".
5- النقاش والحوار مع أصحاب التخصص الواحد في محتوى المادة:
احذر أن يكون في نفسك شيء تجاوز به زملاء المادة، بل احرص على أن تكونوا أسرة واحدة يُحتذى بها بين سائر المواد الأخرى.
واحرص أيضًا على أن تفيدوا بعضكم بعضًا في محتوى المادة، وأن تتناقلوا الخبرات والتجارب في المادة ومحتواها، ورتِّب دائمًا أوقاتًا ثابتةً وسط أيام الأسبوع؛ للتحاور والنقاش في محتوى المادة وفي الجدير فيها، وكن أنت المعطاء دائمًا ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6)﴾ (المدثر)، وتقبَّل كل ملحوظة وكل نقاش من الزملاء بصدر رحب، فليس هناك كبير في العلم ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)﴾، واحذر الكبر والتعالي على الزملاء "من تواضع لله رفعه".
6- دفع الزملاء إلى معاونة إدارة المدرسة على القيام بمهامها بنجاح:
احرص على أن تكون عونًا جيدًا لإدارة المدرسة على القيام بمهامها بنجاح دون تكليف من أحد، وكن وسط الأحداث دائمًا دون فرض لشخصك، واسأل واستفسر ممن يكبرك ويسبقك عن الشئون الإدارية والأعمال الفنية حتى تؤدي عن علم ودراية، وادفع زملاءك وأحبابك من المعلمين إلى أن تكونوا جميعًا سندًا قويًّا لإدارة المدرسة حتى تسمو المدرسة وتعلو كمؤسسة تعليمية بكم وبدفعكم وجهدكم ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (المائدة: من الآية 2).
واعلم أن الإدارة لن تقوى على القيام بمهامها وحدها، بل لا بد من تعاون الجميع، وشعورهم بأن المدرسة هي بيتهم وكيانهم.
أخي المعلم..
ما أعظم دورك، وما أجمل رسالتك، فاستعن بالله وكن نموذجًا عمليًّا مشرفًا وسط زملائك ومحبيك حتى يعم الخير ويزداد النور ويقترب النصر، ولن يتم هذا إلا بحسن صنيعك وتجديدك لنيتك، والله معك ولن يضيع جهدك ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ (البقرة من الآية 143).
ثانيًا: دور المعلم وسط تلاميذه وطلابه:
1- أن يكون رائدًا ومتميزًا في تخصصه الدراسي..
على المعلم الذي يريد أن يكون بارزًا ومحبوبًا وسط طلابه أن يكون بارزًا ومتميزًا في مادته الدراسية؛ حتى يشعر الطلاب بقيمته وبتقديره، فالطالب بطبعه يميل وينجذب نحو المعلم المتميز في تخصصه، والرسول صلى الله عليه وسلم يحثنا على هذا في حديثه الشريف "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عمل أن يتقنه"، فالإتقان والتجويد في التحصيل العلمي والإلمام بكل متعلقات محتوى المادة الدراسية ينال بها المعلم حب الله تعالى أولاً الذي يزرعه بدوره وسط الطلاب والتلاميذ، وعلى المعلم كذلك أن ينوع في وسائل الشرح والعرض، وأن يستخدم كل الوسائل الحديثة في ذلك حتى ينال احترام وتقدير كلامه.
2- القدوة العملية:
المعلم الناجح والمتميز وسط طلابه هو الذي يمثل أمامهم نموذجًا وقدوةً طيبةً يُحتذى بها؛ فعلى المعلم أن يراعي ذلك في حديثه وكلامه، فلا يخرج منه إلا أطيب الحديث ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (الإسراء: من الآية 53)، وأن يراعي ذلك أيضًا في تصرفاته وسلوكياته، فلا ينفعل داخل الحصة، ولا يتعصب على طلابه، بل يحتضنهم ويستوعبهم جيدًا، وأن يراعي ذلك حتى في ملبسه وهيئته، فالطالب يسعى جاهدًا لتقليد معلمه، بل ذلك لأسرته وبيته، وقد كان صلى الله عليه وسلم ضحاكًا بسامًا دائمًا، وكان لا يغضب لنفسه أبدًا، فالطالب يتأثر بمعلمه سلبًا أو إيجابًا، فليحذر المعلم أن يراه طلابه في موقف أو موضع لا يليق به.
3- تبني القيم الإيجابية بين الطلاب وغرسها:
من أولى وأخطر أدوار المعلم صاحب الرسالة أن يحرص على تبني القيم الإيجابية وغرسها بين طلابه، فالطالب يستجيب للمعلم أكثر ما يستجيب لبيته وأهله، ويحرص على تبني توجيهات معلمه دائمًا.
فعلى المعلم أن يحرص على تعظيم القيم الإيجابية، وأن يعمل على غرسها وسط طلابه، فعليه أن يعمق فيهم قيم حب الوطن والتفوق الدراسي والنظافة والمحافظة على أثاث المدرسة واحترام الوالدين والحب والأخوة.. إلخ، مع توجيه الطلاب إلى أهمية التحلي بهذه القيم حتى يرقى بلدنا ويأخذ مكانته الرائدة بين سائر الأمم، فحب الوطن من الإيمان، "من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع"، وعلى المعلم أن يرسخ في عقول طلابه أن بهذه القيم ينال رضا الله عز وجل.
4- التواصل الجيد مع أسر الطلاب:
على المعلم صاحب الرسالة أن يعمل على تكوين وإيجاد علاقات طيبة ومؤثرة بينه وبين أسر طلابه وعائلاتهم، فيسأل عن الطالب المتغيب، ويعرف من أسرته سبب تغيبه، ويتصل ليبارك ويهنئ أسر الطلاب المميزين والفائقين، ويتصل كذلك ليستفسر من أسر الطلاب المهملين والضعفاء عن سبب إهمال أولادهم، ويقدِّم لهم النصيحة والخبرة المطلوبة، وعلى المعلم كذلك أن يتصل بأسر طلابه في المناسبات المختلفة مهنئًا، وذلك في الأعياد ورمضان وزواج الأبناء والعودة من الحج أو في مرض أحدهم.
ولعل مثل هذه العلاقات وذلك التواصل يرفع من أسهم المعلم لدى البيت والأسرة، ويفتح آفاقًا ومجالات متعددة من الحب والتواصل، ويجعل البيوت والأسر ترتبط بك وبفكرتك، وتدافع عنك في أوقات الشدة وتنصفك عند الحديث عنك.
5- تشجيع الطلاب المميزين والاهتمام بالطلاب الضعاف:
من الأمور التي تترك بصمة قوية في الطالب ولا ينساها على مدار حياته اهتمام معلمه به والأخذ بيده، سواء كان تشجيعه وشكره على تفوقه وتميزه، أو بالاهتمام به في حالة ضعفه والأخذ بيده وعدم تحقيره.
وكثير من النابغين والمتميزين كانت نقطة تميزهم حينما شكرهم معلمهم وشجعهم بين زملائهم، أو حينما أخذ بيدهم ووقف بجانبهم حالة ضعفهم وتبناهم.
فعلى المعلم الناجح أن يضع هذه الأمور بين عينيه وفي تفكيره ويراعي نفسيات طلابه، وأن يكون لهم أبًا حنونًا وموجهًا رقيقًا، وأن يتواصل مع طلابه فيما بعد الحصة وخارج الفصل؛ حتى يضع بصمته وأثره الطيب بين طلابه، فالملائكة تسجِّل حسن صنيعه معهم، والله من فوق سبع سموات يرى ذلك ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)﴾ (يس).
6- طرح نماذج شبابية ناجحة عبر التاريخ لهم ليقتدوا بهم:
من الأمور التي تصيب الأجيال بالإحباط واليأس عدم وجود قدرات شبابية أمامهم ليقتدوا بها ويضعوها في المقدمة دائمًا، وحينما يجد الطلاب أمامهم نماذج شبابية عبر العصور غيرت في مجتمعاتها وصنعت مجدًا لأممها وللأجيال، فإن الطلاب سرعان ما يملأ قلوبهم الأمل والهمة، ويحاولون السير على خطاها وترسُّم معالمها.
فعلى المعلم الناجح أن يطرح بين الحين والآخر على طلابه صورًا ناصعة لتلك النماذج الشبابية مع طرح بعض من إنجازاتهم وإسهاماتهم، والتي أثرت مجتمعاتهم وعصورهم، ويحفزهم دائمًا لتمثلهم والسير على خطاهم، وأن الأمل في نهضة أمتنا معقود على إيجاد نماذج شبابية ناجحة في شتى المجالات، ومما يدعم ذلك أن تاريخنا مليء بتلك النماذج الشبابية الفذة ودورها في مجتمعاتها (علي بن أبي طالب- أسماء بنت أبي بكر- أسامة بن زيد- محمد الفاتح- حسن البنا... إلخ).
أخي المعلم.. إن إعادة النهضة لأمتنا مرهون بدورك مع أجيالنا، وبقدر نجاحك في إيجاد جيل جديد يؤمن بدوره ويعمل على استعادة الريادة لأمتنا بقدر ما يعمل من مرحلة النصر والتمكين، ولا تنس أن الجميع ينتظر منك الكثير والكثير.. فاستعن بالله ولا تعجز، واعلم علم اليقين أن معلمًا ذا همة يحيي الله به أمة.. فكن أنت هذا المعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق